المكان؛ غرفة في إحدى المستشفيات بالعاصمة
الرابعة صباحا
استيقظ و ليد، ليكتشف أنه محاط بأسلاك ممتدة لتتصل بأجهزة كهربائية
تصدر رنينا، إنها غرفت مستشفى لكن ما يجهله هو ما الذي أتى به إلى هنا، بعدما اتضحت
رؤيته جال بصره أنحاء الغرفة، انتبه لفتاة تجلس فوق الكرسي غير بعيدة عنه تحمل كتابا
و منشغلة بالقراءة ، شعر أسود لامع، نحيلة و لونها شاحب تلبس في معصمها ساعة يدوية
تراقبها باستمرار، تنحنح وليد مصدرا صوتا يجعلها تنتبه لاستيقاضه، هزت رأسها مندهشة، من أنت؟ أين انا؟ من أكون؟ اقتربت منه الممرضة أنا
هنا لرعايتك حاول ان تبقى هادئا سأنادي الطبيب، ماذا حدث قولي شيئا لماذا الفرآغ في
عقلي، ماذا حدث لي، تجيبه؛ لقد نقلت الى هنا جراء تلقيك لضربة في رأسك أثناء وقوع الحادثة،
أي حادثة عن ماذا تتكلمين، قبل شهرين تعرضت لحادثة سير كنت تسير بسرعة في الطريق السريع
لكنك فقدت التحكم في السيارة و انقلبت و اصبت في رأسك، هاذا ما يقوله الناس الذي قاموا
بالاتصال بالشرطة، انتظر قليلا سيد وليد يجب أن أخبر الطبيب بتطور حالتك، خرجت تجري
و عادت بعد ثواني برفقة الطبيب المعالج، تفحصه الطبيب و الضحكة تعلو شفتيه، أنها معجزة
نعم مجزة نجوت بأعجوبة، أعطيه مسكنا إذا شعر بالالم و اضيفي الى المحلول الوريدي حقنت
مغنزيوم يجب أن يرتاح التعب غير مفيد لحالته، خرج تاركا وليد في حالة عدم فهم، سأل
الممرضة مرة أخرى، ما كل هذا؟ أجابت؛ أستاذ وليد لقد راهن الاطباء على نجاتك فكما ترى
لقد أصبت في الرأس و تعاني من كسر في عظم الساق ثم إن ضربة الرأس كانت قوية كانت لتودي
بحياتك و لقد أجروا لك عمليتين، لقد حققوا نجاحا كبيرا كما ترى، يسأل؛ لماذا لا أذكر
شيئا لقد كانت ضربة قوية و سمعت الاطباء يقولون أنه في حالة نجاتك ستصاب بفقدان ذاكرة،
ما آخر شيء تذكره؟ ؛ حفل التخرج نعم أين اصدقائي ألم يأتي أحد أجابته بالنفي فلم يزره
أحد منذ وقوع الحادثة و قد حاولوا الاتصال بهم لكن لم يجدوا أحد، أخبرها أنه لا يذكر
شيئا ولكن له أصدقاء الجامعة لكن لا يعلم ما إن كانت ما زالت علاقته بهم جيدة ام لا
، يسأل مرة أخرى ألن أستعيد الذاكرة، تجيبه؛ ستستعيدها بعد مرور الوقت، يجب أن تكون
متفائلا، استسلم وليد للفكرة و قرر النوم ليرتاح قليلا،
مرت أيام عصيبة على و ليد
عانى فيها من تدهور حالته النفسية حيت لم يفلح أطباء النفس في تهدئته، و كان لشيماء
الممرضة دورا خاصا و كأنها تعرف جيدا ما يحب، في يوم ما أثناء قدومها لمناوبتها كالعادة
اصطحبت معها لعبة شطرنج لوليد، و صادف ذلك يوم عيد ميلاده و استغرب كثيرا من هديتها
في هذا اليوم بالذات
كان يتقن هذه اللعبة جيدا من أيام الجامعة فقد كان في المرتبة الاولى
لسنتين متتاليتين، و كانت هي لا تجيد اللعب بل تعرف فقط قواعد اللعبة، تغير طبع وليد
الحاد معها كثيرا بعد أن كانت تعاني من غضبه المفرط و صراخه في وجهها.
صار يلعب معها لعبته المفضلة و يتعمد الخسارة كي يراها فرحة تصرخ
بفوزها عليه، مرت عدة أيام استعاد فيها و ليد عافيته و قرر أن يخضع لحصص عند الطبيب
محاولا استرجاع الجزء المفقود من ذاكرته و كانت شيماء بعد الحصص تساعده أيضا على التذكر،
كانت تستمع ل قصته المحزنة، وليد ابن عائلة غنية تملك شركة في وسط المدينة، توفت والدته
بعدما دهستها سيارة و هو معها دون أن يصيبه بمكروه، لازل المشهد يتكرر أمام عينيه رغم
السنين التي مضت عليه، والده رجل أعمال صارم، ورث وليد الطبع الحاد من أبيه الذي لطالما
كان قاسيا معه،
أحب وليد فتاة في الجامعة كانت فتاة من طبقة اجتماعية فقيرة لكن
أحبها كثيرا، أحب حيويتها و نشاطها الدائم أحب حبها له و خوفها عليه عوضته حنان الأم
الذي فقده في صغره، لكن كان لأبيه قرار آخر أرغمه على أن ينفصل عنها لكن أبى وليد أن
يترك حبيبته، و بعدها هددها أبوه أن يقتل أباها
إن لم تبتعد، بعدها قررت أن تبتعد، اسقطت قلب وليد يتوعك أرضا، و غادرت بعدها علم أنها
تزوجت من ابن عمها بسرعة،
حقد وليد حقدا شديدا على أبيه لكن لا يعلم ماحدث بعدها فهو الآن
متعلق بآخر نقطة و هي الجامعة و آخر ما يذكره هو حفل التخرج السنوي٠
شيماء الفتاة النشيطة المرحة تغيب عنه بضع ساعات نهارا تعود لتؤنس
وحدته تعود بالجديد دائما ألعاب و ألغاز و نكت مسلية، جعلت من وليد العصبي الغاضب دوما
وليدا حديث العهد، رغم كبرياءه و عناده إلا أنه سمع نبض قلبه يدق لممرضته التي كانت
عونه في مرضه و مأساته كانت تشع نشاطا و تفاؤلا استطاعت أن تمتص غضبه و استياءه، فاتنة
الاخلاق استطاعت أن تملك قلبه في فترة و جيزة مدته بالحنان الذي افتقده منذ صغره،
و جاء اليوم الذي قرر فيه الأطباء أن بإمكانه الخروج من المشفى و
خضوعه لحصص أسبوعية لمساعدته على التذكر حيث أن رجوعه الى بيته قد يساعده اكثر على
استرجاع ذاكرته،
جاءت لحظة خروج وليد من المشفى، لحظة فراق وليد و شيماء بعد شهرين
من المقابلات اليومية لم تغب عنه يوما،
جمع و ليد أغراضه وضع علبة الشطرنج بعناية في حقيبته، سلم على طبيبه
المعالج و الطاقم بأكمله لكن شيماء ليست هنا لابد أنها لم تأتي بعد، تأخرت لم يستسلم
جلس في غرفة الانتظار تأخرت أكثر ذهب في اتجاه الاستقبالات و هو يبحث عن طريقة تجعله
يتصل بها كرقم هاتفها مثلا، سمع صوتها تنادي عليه، وليد وليد لقد نسيت هذه كانت لعبة
الكترونية يحب اللعب فيها كثيرا، اقترب وليد من شيماء، قالت له حمدا على سلامتك يا
وليد أتمنى أن تتذكر ماضيك قريبا، سألها ما إذا كان بإمكان صداقتهما أن تستمر اجابت،
طبعا، تبادلا ارقام الهاتف، تم غادرت بحجة مريض جديد ينتظرها، فرح وليد كثيرا لقد نجح
في مهمته الاولى و هي أن يجعل التواصل بينهما مستمرا.
دخل وليد بيته، بيت منظم مرتب و ليست عليه آثار غبار ربما هناك أحد
يقوم بتنظيفه دوريا، اتجه الى غرفة مكتبه وجد حاسوبه فوق الطاولة، و انهالت عليه فيض
من الذكريات أحس بالدوار جلس فوق كرسيه تذكر ليلة الحادثة كان مشغولا بعمله في الحاسوب
بعد أن دخلت و سألته هل يريد شيئا اجابها صارخا لا اريد دعيني و شأني ألا ترينني مشغولا،
تم بدأت علامات الاستفهام تكثر، يتذكر ملامح وجهها، من هي؟ لا لا يمكن إلتقط هاتفه
ركب الرقم و اتصل بها، ألو شيماء، نعم وليد، شيماء تذكرت شيئا، أنت أنت.... ،افتح الباب
يا وليد أنا أمام المنزل، فتح لها، تعالى نبضه كيف ذلك يا شيماء؟ قولي كيف ذلك، أنا
زوجتك يا وليد، تزوجنا العام الماضي قبل وفاة أبيك ببضع شهور لا تلومني لأنني لم أقل
الحقيقة فأنت لم تكن تحب أن تراني لطالما كنت عبئا عليك لطالما كنت تصرخ في وجهي و
لم تحبني قط، تزوجنا زواجا تقليديا لترضي أباك لا غير، ماذا حدث لي؟ لقد أصبت في حادثة
سير بالطريق السريع أثناء توجهك للعمل اتصلو بك بسبب مشكل في الادارة و انتقلت على
وجه السرعة كانت حادثة مميتة حيت قال أحد الشهود أن السيارة انقلبت مرتين نقلت الى
المشفى اتصلوا بي، خفت كثيرا أن اخسرك يا وليد، دخلت في غيبوبة طويلة قال الاطباء أنه
من المحتمل أن تفقد ذاكرتك، عندها طلبت من الطبيب أن يسمح لي بالعناية بك بعد أن أعطيته
سيرتي الذاتية و تحقق من عملي كطبيبة سابقة، لماذا كل هذا يا شيماء، أنت تكرهني يا
وليد لم تكن لتقبل مساعدتي لو علمت من أكون، شيماء انتظري لحظة، بطنك ليلتها كانت منتفخة
أليس كذلك، نعم يا وليد كنت حاملا في التاسع كنا ننتظر توأما، و ماذا حدث؟ ياسر و مريم
كانت ولادة قبل الأوان بسبب خوفي عليك، أجريت عملية الولادة بينما كنت تخضع للعملية
الاولى على مستوى رأسك، هما الآن في بيت والدي تساعدني أمي في الإعتناء بهما و أنا
أتنقل بين بيت والدي، المشفى، و هنا
وضع يده على فمها متعمدا إسكاتها، شيماء أنا أحبك، سامحيني على كل
شيء مضى، أنا نادم على معاملتي السيئة لك يا حبيبتي،
ترد شيماء، لاعليك يا حبيبي أعذرك و أحبك كثيرا
اترك تعليقك إن أعجبتك القصة، رأيكم يهمنا٠
ترد شيماء، لاعليك يا حبيبي أعذرك و أحبك كثيرا
اترك تعليقك إن أعجبتك القصة، رأيكم يهمنا٠